Monday, January 2, 2012

من حق المقاومة ان تنتقل من موقع الدفاع عن شبكتها الهاتفية الداخلية الى موقع الهجوم

 
 
 من حق المقاومة  ان تنتقل من موقع الدفاع عن شبكتها الهاتفية الداخلية الى موقع الهجوم


يطالعنا البعض بين الفينة والأخرى بحملات اعلامية وسياسية يصوب من خلالها على المقاومة من بوابة ان فريقا منها يقوم بمد شبكة اتصالات هاتفية خاصة بها في تلك البلدة او المدينة او القرية، وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة ما يدعيه هؤلاء وآخرهم السجال النيابي في مجلس النواب على خلفية إتهام المقاومة بأنها كانت تجري تمديدا لشبكتها الهاتفية في قرية ترشيش، فإن ثمة كلاما يقال بهذا الصدد، خصوصا وأن ليس من عادة المقاومة الا الصراحة والمصارحة التي اكسبتها مصداقية واحترام لدى الآخرين لاسيما وانها لم تعتد يوما اللف والدوران وتدوير الزوايا كما يفعل غيرها، ومغزى ما يمكن ان يقال بهذا الصدد انه بات من حق المقاومة  ان تنتقل من موقع الدفاع عن شبكتها الهاتفية الداخلية الى موقع الهجوم وهي تمتلك بهذا الصدد الكثير من نقاط القوة التي تستطيع محاججة ومواجهة الآخرين بها مما يعتقدون أنه بامكانهم استغلال هذه المسألة اعلاميا وسياسيا خدمة لمآرب مشبوهة.
اولى نقاط القوة لدى المقاومة بهذا الصدد هي ان كل البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة على مدى عشرات الاعوام السابقة شرعت عمل المقاومة سواء لتحرير الارض او الدفاع عن لبنان حتى تكرست معادلة الجيش والشعب والمقاومة كاحدى المميزات والركائز الاساسية والجوهرية في النظام السياسي اللبناني، وبناء على ذلك وبما ان العدوان الاسرائيلي على لبنان شامل ولا يختص بمنطقة دون اخرى وهو ما نشهده يوميا عبر إختراق طائرات العدو للأجواء فوق مختلف الاراضي اللبنانية، وهو ما شهدناه ايضا في عدوان تموز 2006 والذي طال لبنان من اقصى جنوبه الى اقصى شماله، لذا يحق للمقاومة وفق صيغة الجيش والشعب والمقاومة ان تتخذ كافة الاجراءات الكفيلة بصد أي اعتداء اسرائيلي على لبنان في أي منطقة وعلى أي حبة تراب او نقطة ماء لبنانية، وذلك إنطلاقا من مهمتها الدفاعية التي كرسها البيان الوزاري وبالتالي يحق لها ان تمد شبكتها الهاتفية الخاصة في المناطق والقرى التي ترتأي ان حاجاتها ومهماتها الدفاعية تقتضيها ولا يحق لأحد أن يجادلها في مثل هذه الحقوق.  
  
ثاني نقاط القوة التي يقتضي للمقاومة تحصينها وحمايتها تبرز من خلال منظومة القيادة والسيطرة لديها والتي اثبتت في حرب تموز 2006 قدرتها على إلحاق الهزيمة بالعدو، حيث شكلت شبكة الهاتف الخاصة بالمقاومة باعتراف العدو في تقرير لجنة فينوغراد نقطة القوة الرئيسية للمقاومة التي مكنت قيادتها من البقاء على اتصال دائم مع المقاومين على كافة محاور المواجهات العسكرية. وانطلاقا من ذلك، يبدو ان العدو فهم جيدا معادلة القوة التي يرسمها سلاح الاشارة التابع للمقاومة في أي حرب مستقبلية، لذا سعى ويسعى جاهدا لاختراق شبكة الهاتف الداخلية للمقاومة وتوجيه الحملات الاعلامية عليها ويصادف أن يكون هدفه هو نفسه هدف البعض في الداخل تارة بوصفها خارجة عن الشرعية وطورا بأنها تستخدم لغايات مدنية ما يحرم خزينة الدولة من مردود ضرائبي هام والغاية واحدة هي ضرب نقطة القوة والركيزة الأساسية لأي عمل مقاوم.

واذا كانت ضرورات وحاجات المقاومة الدفاعية اقتضت انشاء شبكة هاتفية خاصة، مكنتها من تسجيل انتصارات على العدو أهدتها لجميع اللبنانيين، خصوصا بعدما ثبت الى أي مدى تمكن الموساد الاسرائيلي من اختراق شبكات الهاتف الخليوية والمدنية التابعة للدولة، الا ان السؤال الجوهري الذي يطرح هو ما هي الدوافع الكامنة وراء انشاء شبكة هاتفية خاصة بشركة سوليدير، وكذلك قرصنة تجهيزات الهبة المقدمة من شركة "هواوي" الصينية لوزارة الاتصالات وانشاء شبكة خليوية ثالثة من خلالها بشكل غير شرعي في ما بات يعرف بقضية الطبقة الثانية من مبنى وزارة الاتصالات التي خرجت إلى الضوء في أيار/ مايو الماضي.

"مستقبل تلكوم" بديلا عن ليبان تلكوم    

وفي التفاصيل، فقد كشف النقاب مؤخرا عن فضيحة الشبكة الهاتفية الثالثة التي كان يشغلها فريق الرئيس سعد الحريري بشكل غير شرعي وغير قانوني إنطلاقا من الطابق الثاني في مبنى وزارة الاتصالات دون أن تتضح حتى الساعة الغايات المشبوهة التي كانت تستخدم تلك الشبكة الهاتفية من أجلها سواء اكانت تجارية او امنية وتجسسية او غير ذلك، خصوصا وانه ثبت انها بدأت العمل منذ مطلع العام 2008 ، ونصبت محطات ارسال لها بلغ عددها 17 محطة غطت معظم الأراضي اللبنانية، كما ثبت ان آلاف الاتصالات اجريت منها على شبكة ام تي سي الخلوية حتى العام 2011، وان الجهة المشغلة لها وهي هيئة اوجيرو كانت تديرها بشكل مستقل عن مؤسسات الدولة بعدما قرصنت الهبة الصينية المقدمة الى وزارة الاتصالات وأنشأت بها شبكة خلوية ثالثة "مستقبل تلكوم"، بديلا عن "ليبان تلكوم" وفق الصيغة التي قدمت على اساسها الهبة اصلا.
سوليدير وزارة هاتف مصغرة
اما فيما يخص شبكة سوليدير الهاتفية الخاصة، فقد كشف عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب نبيل نقولا في حديث لـ"الانتقاد" عن مرسوم يعطي ترخيصا لشركة سوليدير بإقامة شبكة اتصالات خاصة بها وربطها بشبكات الاتصالات المحلية والدولية ومنحها حق المرور عبر المنشآت والتمديدات العائدة للدولة اللبنانية، ما يجعل منها وزارة هاتف مصغّرة تستطيع إدارة واستثمار شبكة شرائح واسعة من الآلياف البصرية.


 
اما في تفاصيل المرسوم، فهو كان قد صدر في عهد رئيس الجمهورية السابق الياس الهراوي ورئيس مجلس الوزراء السابق ووزير المال والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية رفيق الحريري بناء على طلب مقدم بتاريخ 18 / 8 /1997 من الشركة اللبنانية لتطوير واعادة اعمار وسط مدينة بيروت ش.م.ل. وهو يحمل الرقم 12992 ويتعلق بإقامة شبكة اتصالات لشركة سوليدير واستثمارها وصيانتها في نطاق منطقة بيروت، والمبرر الذي استند اليه ذاك المرسوم هو ان الخدمات الاتصالية المتطورة والمتخصصة التي يمكن توافرها من خلال شبكة الآلياف البصرية تعد ضرورة ملحة وأساسية لمنطقة وسط بيروت، وأن هذه الخدمات غير متوافرة ولا تدخل ضمن نطاق البرامج المعدة من وزارة الاتصالات وان كلفتها كبيرة ومردودها متدن بالنسبة لعمر الاستثمارات على ما يتبين من كتاب المديرية العامة للاستثمار وصيانة المواصلات السلكية واللاسلكية تاريخ 7 /5 /1998 . وقد نص المرسوم على التالي :
م1 – يرخص لمدة خمس وعشرين سنة قابلة للتمديد أو للتجديد للشركة اللبنانية لتطوير وإعادة اعمار وسط بيروت ش.م. ل. ( سوليدير) المسماة في هذا المرسوم "الشركة" إقامة وإدارة واستثمار وصيانة شبكة لنقل وتبادل المعطيات وذلك في نطاق وسط مدينة بيروت ( سوليدير) المحدد وفقا للمرسوم رقم 4830 تاريخ 4 /3 /1994 والمرسوم رقم 5609 تاريخ 3 /9 /1994 .
 نقولا ما حاجة سوليدير لشبكة اتصالات خاصة تشغل الخطوط عبرها وتتصرف فيها كما تشاء؟!
م2 - يحدد الترخيص بإقامة وإدارة واستثمار شبكة شرائح واسعة من الآلياف البصرية وتوزيع البرامج المصوّرة مع جميع التجهيزات المتعلقة بها وذلك لنقل جميع المعطيات بالإتجاهين وتبادلها وكل خدمات الاتصالات ذات القيمة المضافة ولا يجوز أن تتعدى خدمات الشركة إلى خارج نطاقها والى غير من يرغب من المشتركين في هذه الخدمات ولا يشمل الترخيص الخدمات الهاتفية.
م 3 – للشركة من أجل تحقيق خدماتها الحق بأن ترتبط بشبكات الاتصالات المحلية والدولية وفقا للقوانين المرعية الإجراء. وتعطى الشركة حق مرور عبر المنشآت والتمديدات والطرق العائدة للدولة وفقا للقوانين والانظمة المرعية الاجراء وبذلك تصبح شبكة سوليدير وفق هذه التسهيلات وزارة هاتف مصغرة. 

الى ذلك، وردا على ادعاء شركة سوليدير بأن الشبكة التابعة لها ليست شبكة هاتفية وانما شبكة انترنت، اعتبر النائب نبيل نقولا في حديثه لـ"الانتقاد" ان القانون المشار اليه اعلاه والصادر عام 1998 لم يصدر من اجل شركة انترنت، مشيرا الى أن خطوط الانترنت لا تمكن الشركة المستثمرة من الدخول على الخطوط الدولية مباشرة وانما تمكنها من الدخول فقط على الخطوط التي تمنحها إياها الدولة اللبنانية.

كما لفت النائب نقولا أيضا الى أن سلطة الدولة اللبنانية موجودة على جميع شركات الأنترنت، سائلا لماذا سوليدير فقط لها الحق بأن يكون عندها شبكة من الآلياف البصرية (الفايبر أوبتيك)، ومستغربا في الوقت ذاته كيف يدعي النائب غازي يوسف أن الدولة اللبنانية ليست بحاجة لشبكة من الآلياف البصرية في الوقت الذي يستخدم فيه فريقه السياسي مثل هذه الشبكة في سوليدير، وسائلا اذا كانت الشبكة شبكة انترنت كما يدعون فما حاجتها للآلياف البصرية خصوصا وان  الالياف البصرية هي تداخل محطات تلفزيونية عالمية تهدف لتحقيق السرعة في الاتصالات، وهي تستخدم لعدة امور، كالتلفزيون، والنتورك ( Network )، الداتا ( Data  ) وغيرها من الاستخدامات، وبمعنى آخر ان الخدمات التي نستطيع توزيعها بالكابل العادي بمئة خط نستطيع توزيعها بالالياف البصرية بمئة ألف خط، حيث ختم نقولا حديثه سائلا عمّا هي حاجة سوليدير لذلك، بأن يكون لها محطة اتصالات خاصة تشغل الخطوط عبرها وتتصرف كما تشاء دون رقيب او حسيب؟